لمدينة النجف الاشرف بنية اقتصادية عامة تشترك بها مع المدن الاخرى، فهي بنية صناعية وتجارية وزراعية وسياحية.. وهذه المدينة التي تقع على اطراف الصحراء الغربية من العراق لها اقتصادها الخاص الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على التجارة من حيث موقعها الديني ووسطيتها الجغرافية بين شمال العراق وجنوبه.. وقد ذكر ذلك معظم الرحالة الذين زاروا المدينة ومنهم ابن بطوطة في رحلته حيث قال (( واهلها تجار يسافرون الى الاقطار وهم اهل شجاعة وكرم لايضام جارهم صحبتهم في الاسفار فحمدت صحبتهم))..
ومما تقدم فقد تكونت في النجف الاشرف اسر تجارية كونت لها مراكز تجارية مهمة في النجف وحائل وفي المدينة المنورة.. ففي المدينة مثلاً يكون المركز التجاري للنجفيين يسمى سوق (الشروق) وكان سكانهم في محلة تسمى (حوش المرزوقي) كما تبين ذلك الوثائق القديمة التي ارخت هذا التراث، اما في حائل التي كان فيها اربعة احياء هي: حي لبده ومغيضه وافنان وبرزان، يتوسطها سوق يسمى سوق المشاهدة وهي كلمة تعني النجفيين حيث تسمى النجف باسم مشهد والمشهدي هو النفي، وكان النجفيون يسكنون محلة في حي برزان سميت بمحلة المشاهدة.
وقد ذكر هذه الاسر الشيخ محمد رضا الشبيبي ولكنه لم يسمها بالاسم فقال:(وانا اعرف اسراً من ابناء النجف تغربت عن العراق في سبيل التجارة وامتزجت بابناء نجد باديها وحاضرها وذلك بحكم الجوار وبسبب المهنة والاصهار الى القوم ورأيناهم يحذون حذو البدو في ازيائهم وعاداتهم ولهجاتهم، وقد مضى على هذه الاسر في ذلك اكثر من قرن وكان بعضهم مقربين من ال رشيد).. ولكن الشيخ علي الشرقي قد سمي بعض هذه الاسر حيث قال ( وكانت للنجفيين بيوت تجارية في حارة من حائل تكونت منها حارة كبيرة وحيا معروفاً مثل بيت شكر وبيت حبوبي ولفظة حبوبي بدوية جاءت لهذا البيت العلوي الجليل من حائل ومثل بيت مرزة البيت الاسدي ومثل بيت عجينة وبيت زيني وبيت الشاوي وهو غير بيت الشاوي البغدادي وبيت الصائغ وغيرها من البيوت النجفية..
كما ذكر (فهد العلي العريفي) صاحب كتاب (مدينة حائل) بعض الاسر وقال (يوجد في غرب حي برزان سوق يسمى سوق المشاهدة نسبة الى مشهد وهي النجف في العراق وقد توافد اهل هذا الحي الى حائل للعمل في النجف الاشرف مثل ال مرزة وال معلا والسنابلة وال عبود (شكر) وال الحبوبي.
وكانت هذه الاسر وغيرهم من الدول الاخرى من الذين برغبون الذهاب الى مكة عن طريق النجف – مكة المكرمة والذي يسمى درب الحاج العراقي (درب زبيدة) ويسمى درب الكوفة – مكة المكرمة..
و يعتبر طريق الحج البري من اهم الطرق التي تربط مدينة النجف بالاماكن المقدسة في الحجاز في المملكة العربية السعودية وهو قديم جدا وسلكته القوافل على مر العصور.وتصاعد الاهتمام بهذا الطريق ايام العباسين وخصوصا على يد زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي, ولدت في عام 145هـ, وتوفيت عام 216هـ, وهي إحدى زوجات الخليفة العباسي هارون الرشيد وقد حجت على هذا الطريق سنة 176 هـ ولما ورد الى سمعها صعوبة انتقال قوافل الحجاج الى الديار المقدسة، امرت بحفر العديد من البرك والابار لاسعاف القوافل الخاصة بالحجاج خلال موسم الحج وتجهيزهم بمياه الشرب وتامين احتياجاتهم وكذلك للمسافرين بين العراق والحجاز.. ونتيجة لهذه الاهتمامات من قبلها اطلق عليه ((درب زبيدة)).
ومن اهتماماتها اضافة الى ذلك تم تشييد وبناء محلات تصلح لارواء الحيوانات بالقرب منها ويطلق عليها ((الجابيات)) وهي جمع ((جابية)) وقد شيدت البرك من رخام ابيض ممزوج بحمرة طبيعية وقد جلبت من اماكن بعيدة، كما تم حفر بعض الابار بالقرب منها وتم تبطين تلك الابار بالاحجار وبنظام هندسي متقن اما البرك المائية فانها شيدت على هيئة احواض ارضية مستطيلة الشكل مرصوفة بالحجر الرخام وقد تم عمل فتحه لايصال المياه بين كل بركتين متجاورتين ، وقد تم حفر تلك الابار والبرك وذلك لخزن ماه السيول والأمطار وعلى مسافات قريبة من بعضها البعض وقد تم اختيار مواقعها في المحلات المناسبة والتي يسهل معها حمع مياه السيول نتيجة الامطار التي تنساب اليها من الوديان والمسايل القريبة منها لتكون مخزونا يستوعب تلك المياه وتبدا هذه البرك والابار بعد قرية الرحبة وعلى امتداد الطريق العام الذي يربط النجف بالمدينة المنورة..
وتبدأ هذه الابار والبرك بعد منطقة الرحبة (خان الرحبة) والتي تقع جنوب غرب النجف الاشرف بمقدار 35 كيلو مترا وعلى امتداد الطريق العام الذي يربط النجف بالمدينة المنورة.. وتعتبر قرية الرحبة هي اول نقطة يقف عندها الحاج لفحص جوازات سفرهم خصوص بعد ان فتح هذا الطريق عام 1936 وكانت تلك الفترة من الايام الذهبية التي انتعش فيها اقتصاد الرحبة وحول قصر الرحبة اثار عديدة ابرزها ميدان معركة القادسية وهناك مزار لمحمد بن الحسن (عليه السلام) وعين ماء تاريخية وغيرها كثير.
وفيما يلي اسماؤها ومواقعها بالترتيب:
بركة زبيدة- بركة ام كرون حيث توجد منارة ويرجع تسمية هذه المنارة الى وجود اماكن للكرون توضع في بدن المنارة الدائري كنوع من الزخرفة والتطعيم-بركة البوير- بركة مغيثة- بركة حمد- بركة الحمام- بركة الطليحات-بركة اشبيجة- ابار شراف- ابار واكصة- بئر عيدها- بئر جميمة – زبالة – لينة وهي مجموعة ابار- بركة العشار – التربة وهي بئر- شعيبة – البقعة – حائل- غزالة – حليفة- فاتوذة- حناكية ..
اعداد/ حيدر حميد الكريطي