في احدى الاوراق البحثية التي طرحناها مؤخراً على احدى اللجان البرلمانية والتي نختصرها بدأ بأيضاح بعض المفاهيم الاساسية التي نصت عليها الموازنة العامة للدولة لسنة 2021 …
اعتمدت الموازنة العامة للدولة على اساس سعر الصرف 1450 دينار/ لكل دولار وتقديراً لأجمالي أيرادات عوائد النفط الخام المصدر(الايرادات النفطية) والبالغة (72,242,625,000,000) تريليون دينار والتي بنيت على اساس سعر 42 دولار /برميل بطاقة تصديرية معدلها (3.250.000) برميل/يومياً بضمنها 250 الف برميل عن كميات النفط المنتج في اقليم كردستان تسلم الى الحكومة الاتحادية مقابل الالتزام بالحصة المقررة للأقليم من الموازنة العامة للدولة التي ما زالت لحد الان تجري المفاوضات والنقاشات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم عليها من دون نتائج تذكر.
لكن ماذا لو حركنا سعر البرميل الخام المصدر المعتمد في الموزانة من (42$) الى (50-52 $) “سعر تحفظي” مع ترك هامش تأرجحي (18-20$) بين الفارق السعري للنفط المعتمد للموازنة والاسعار الجارية في الاسواق النفطية العالمية بأعتماد سعر الصرف 1300دينار/ دولار نستنتج الاتي :-
1- ان الايرادات المتحققة من العوائد النفطية للشحنات المصدرة بالسعر االحالي المدرج في الموازنة 42$ على اساس سعر الصرف 1450 لاتتجاوز 73 تريليون دينار بينما كانت الايرادات المتحققة عن ذلك بعد تعديل سعر البرميل المصدر الى (50-52$) على اساس سعر الصرف 1300$/دينار تساوي (80.190.500.000.000) تريليون دينار وبهذا حصلنا على عوائد تبلغ (8 تريليون دينار) ايراد اضافي متحقق مع سعر صرف مقبول نسبياً لدى الجمهور.
2- الغاء فقرة تعويض المقاولين المتضررين من جراء سياسة تغيير سعر الصرف التي تبلغ 560 مليار دينار ومناقلتها الى بعض التبوبيات الاخرى في الموازنة العامة للأستفادة منها مثلاً في مشاريع البترودلاور او استراتيجية تخفيف الفقر او موازنة تنمية الاقاليم لتغطية نفقات المشاريع الاستراتيجية المتلكئة وغيرها.
3- بعد اعتماد اسعار الصرف 1300/دينار لكل دولار يعتبر حل وسط بين الجهة المطالبة لتعديل سعر الصرف (السياسة النقدية المتمثلة بالبنك المركزي العراقي ) والفئات المجتمعية المتضررة من تلك السياسات.
4- ان رفع سعر الصرف بأسلوب الصدمة يتعبر كارثة اقتصادية سيتضرر منها القطاع الخاص قبل القطاع العام وخاصة قطاع الصناعات النفطية التي تستورد المواد الاولية الداخلة في عملية الانتاج كما حدث مؤخراً في معمل الاتحاد على سبيل المثال.
5- رفع سعر الصرف في الوقت الحالي كان قرار غير مدروس بصورة معمقة وهو ما نتج عنه ارتفاع كبير في السلع والبضائع الاساسية وحتى المنتجات المحلية منها ونستدل من ذلك كان العنصر الاساسي لتعديل سعر الصرف هو تحقيق الاكتفاء الذاتي كخطوة مسبوقة والاعتماد الحقيقي على المنتج المحلي وهو ما تقتصره القطاعات الصناعية والزراعية وغيرها في الوقت الحاضر.
6- اعتماد سعر الصرف الحالي سيضر بالأستراتيجية المتبعة لتخفيف الفقر في العراق التي بلغت 31,5% التي ستؤدي الى ارتفاع معدلاتها بدل من تخفيفها .
7- ارتفاع اسعار بعض المواد الاولية الداخلة في قطاع البناء والاعمار وهو ما سينعكس سلباً انخفاض الطلب على الايدي العاملة واصحاب الاجور اليومية وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة التي تتجاوز نسبتها 36% والتي من الممكن ان ترتفع مع الزيادة النسبية للسكان.
8- تحريك سعر الصرف لأكثر من 21% له تأثير كبير على الاسواق وانخفاض القوة الشرائية لدى الفرد وهو ما ينعكس سلباً تحقيق أهداف مؤشرات التنمية المستدامة.
9- تحريك سعر الصرف الى 1450 دينار/دولار جاء بالدرجة الاساس هو لتغطية العجز الحاصل في الموازنة بينما بالحقيقة هو للسيطرة اكبر على عمليات غسيل الاموال وهو ما يستدل على ضعف الرقابة وعدم وجود اتمتة حقيقية على نافذة بيع العملة المعتمدة لدى البنك المركزي العراقي.
10- بقاء سعر الصرف على وضعه الحالي سبب صدمة للقطاع الاقتصادي من الممكن ان تمتص اثارها تدريجياً حتى عام 2025.
11- كان من الممكن تعديل سعر الصرف بشكل تدريجي بنسبة لا تتجاوز 5% سنوياً وبصورة تصاعدية حتى تحقيق السعر المستهدف حتى نقلل من التأثيرات السلبية على الدخل الشخصي للفرد بصورة مباشرة .
12-انخفاض الايرادات غير النفطية الناتجة من عمليات الاستيراد بسبب قلة الطلب وخاصة قطاع المركبات وارتفاع تكلفة الدخول بسبب ارتفاع قيمة الضرائب والگمارك بسبب تغيير سعر الصرف اضافة الى تأثير جائحة كورونا والتي تسببت بأغلاق المنافذ الحدودية لفترة زمنية .فضلاً عن النسبة الكبيرة من الاعفاءات الضريبية والگمرگية لبعض الدول المجاورة وبعض المؤسسات العامة للدولة التي تتجاوز نسبتها 60% من قيمة الاستيرادات السنوية.
13- التفاوت في اسعار النفط الخام العالمي ادى الى حدوث اختلالات هيكيلية في ميزان المدفوعات للدولة في تغطية النفقات التشغيلية والاستثمارية بصورة مستمرة بسبب اعتماد شكل الدولة على الاقتصاد الاحادي الجانب (الاقتصاد الريعي) الناتج عن ايرادات عوائد النفط الخام المصدرة والتي ما تتطلب تدخل السياسة النقدية في التعديلات المستمرة في سعر الصرف الثابت وبصورة مفاجئة لتغطية العجز المخطط في الموازنة العامة للدولة وهو مؤشر سلبي على فقدان الثقة لدى الجمهور من اجراءات السياسات النقدية للدولة.
14- الاستفادة فروقات الاسعار بين السعر المعتمد في الموازنة والسعر السائد في السوق وكذلك من كميات واقيام شحنات النفط الخام المصدر التي يتم بيعها بعلاوة سعرية في تحقيق ايراد اضافي في تغطية فجوة العجز المالي في الموازنة العامة للدولة والذي يبلغ بعد اخر تعديل 30 تريليون دينار والتي تعد مصادر الاقتراض الداخلي والخارجي حينها ملغاة نهائياً.
ونستدل من ذلك وبشكل واضح على ظهور الاثار السلبية لرفع سعر الصرف في وقت قصير جداً ولكن ما يثير الاستغراب يلاحظ ان الضرر والتضييق سيطال على ملايين العراقيين من ذوي الدخل المحدود والمشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية والمعتمدين على الدخل اليومي بصورة استهدافية وهم اولى بالرعاية والحماية من الضرر المترتب على رفع سعر الصرف لذا نجدد مطالبتنا بأعادة سعر الصرف ليكون (1300دينار/ دولار) وهو ما نجده سعر مقبول سوقياً ومجتمعياً ويحفز القطاع العام والخاص للدولة ويدر الكثير من الحوافز والارباح لجميع القطاعات المذكورة ولحماية جميع العراقيين من هذه التداعيات التي تصيب المستوى العام لأسعار المستهلك مما يؤدي الى تضييق سبل العيش الكريم.
المصدر الاقتصاديون العراقيون