تعتبر مدينة النجف الأشرف من المدن المهمّة التي يؤمّها الملايين من الزوّار سنوياً، وهي مدينة دينيّة علميّة فيها العديد من المدارس الدينيّة التي تدرّس الفقه والأصول والنحو والتاريخ والأدب وغيرها، وتُعدّ واحدة من الحواضر العربية والإسلامية التي تشكّل رقماً بين الأرقام باعتبارها عاصمة الشيعة في العالم ومركزاً دينيّاً مهمّاً، فتمتدّ جذورها إلى مئات عدّة من السنين مضت وجامعة كبرى لتدريس العلوم من طلبة الدراسات الدينيّة من أرجاء العالم الإسلامي كافة.
إن أساس وجود هذه المدينة ومكانتها الحضارية بين مدن العالم جاءت من تشرّفها بوجود المرقد الطاهر لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، والذي ظلّ مخفيّاً لسنين عدّة ــ بعد استشهاده عليه السلام في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين للهجرة على يد أشقى الأولين والآخرين عبد الرحمن بن ملجم المرادي ــ ثم أظهره الإمام الصادق عليه السلام في القرن الثاني للهجرة ـــ الثامن الميلادي.
وعلى الرغم مما تمتلكه النجف الأشرف من مكانة سامية في نفوس العالم الإسلامي على اختلاف مذاهبه وطوائفه لقداستها وماضيها المشرق باعتبارها أرض النبي إبراهيم عليه السلام، فإن المدينة اليوم وبعد سقوط النظام المباد عام (2003 م)، أخذت موقعها المهم بين المدن الإسلامية الأخرى كواحدة من المدن الثقافية والحضارية والدينية والسياحية والاقتصادية والسياسية، إضافة إلى غير ذلك من العوامل التي أهّلتها لاستلام مهامها القيادية بين المدن وخصوصاً تواجد المرجعية الدينية العليا المتمثلة بمراجعنا العظام أدام الله ظلهم، للسيطرة على الأوضاع في البلاد خصوصاً بعد حالات الانفلات الأمني التي حصلت بعد نيسان (2003م)، وحمل هموم المسلمين في العالم أجمع ومتابعة قضاياهم ومحاولة التدخل في حل المشكلات حينما يتطلب الموقف ذلك، مراعاة للمصلحة العليا للعراق وشعبه بشكل خاص أو للإسلام والمسلمين أجمع بشكل عام.
تقع النجف في منطقة صحراوية تبعد عن نهر الفرات بحوالي (10) كم، حيث مدينة الكوفة التاريخية ومسجدها المعظم، وتحدّها من الشمال مدينة كربلاء المقدسة وعلى مسافة تصل إلى (70) كم تقريباً، ومن الغرب تحدّها المملكة العربية السعودية حيث كان طريق الحج البري، وهو أقرب الطرق بين العراق والسعودية لسفر حجاج بيت الله الحرام، ومن الجنوب تحدّها مدينة الحيرة التاريخية ومحافظة القادسية التي تبعد عنها بحوالي (60) كم، أما الجهة الشرقية فحدودها تمتد إلى قضاء الكفل التابع لمحافظة بابل التاريخية.
ومن الناحية الجغرافية فإن النجف الأشرف واقعة في المنطقة الوسطى من العراق على تقاطع خط عرض (32) وخط طول (44)، ويبلغ عدد سكان مدينة النجف الأشرف وفق تقديرات عام 2006 (505.856) نسمة أي ما يمثل 48% من مجموع سكان المحافظة الذين يزيدون على المليون نسمة.
والنجف تقع على حافة الصحراء الغربية وسط أرض رملية جرداء مرتفعة، ومناخها صحراوي، ترتفع عن سطح البحر بحدود (69) متراً، وتبعد عن العاصمة بغداد بحوالي (180) كم.