غرفة تجارة النجف الاشرف / تمهين التعليم … الخطوات الضرورية في مشروع التنمية البشرية

تمهين التعليم … الخطوات الضرورية في مشروع التنمية البشرية

18 يناير، 2015

وضمن المعايير العلمية العالمية والوطنية لجودة اي برنامج , في النظام التعليمي والتربوي تعد غير مكتملة إذا لم يتوفر له المعلم الكفء والمعد الاعداد الجيد خلال فترة دراسته وتأهيله والذي يتلقى التدريب المناسب والمستمر اثناء العمل للقيام بالمهام المنوطة اليه،وتأكيدا على ذلك  صدر تقرير بعنوان : (التحول الكامل في إعداد المعلمين دور مهني جيد للمعلمين في مدارس القرن الحادي والعشرين ) الذي اعده مجموعة من العلماء والخبراء المختصين في شؤون التعليم في عام 2008 وبتكليف من التحالف الدولي للمعاهد التعليمية الرائدة ,  وهو اتحاد تأسس في سنغافورة عام 2007م ويضم تسعاً من المؤسسات والمعاهد التعليمية العالمية المتخصصة في اعداد وتدريب المعلمين , ويسعى هذا التحالف الى النهوض بنوعية التعليم في البلدان التي تنتمي اليها هذه المؤسساتهادفين الى قيامه بدور قيادي في التنمية التعليمية والمعرفية ولتجويد الممارسة العلمية  في مؤسساتهم التعليمية أملين ان يصبحوا نموذجاً قياسياً في برامج اعادة وتطوير المعلمين وتنميتهم المهنية أثناء الخدمة لجميع دول العالم. إن الاتجاه العالمي في التربية الحديثة يعطي للمعلم دواراً اكثر من مجرد الاداء والممارسة للمادة العلمية، بل يتطلب منه بان يؤمن بضرورة تطوير ادائه باستمرار , بالاطلاع والقراءة المستمرة لمتابعة المستجدات التربوية الحديثة وتطوير امكاناته ومهاراته المهنية والاطلاع على البحوث التربوية وعدم الاكتفاء بالتلقين النظري , أذ يتطلب منه ان يقوم بأدوار شتى كتعليم الطالب كيف يتعلم وكيف يتفاعل مع تسارع المستجدات العلمية واستخدام الكتاب الالكتروني والتقنيات الالكترونية في المنهج والقاعة وكافة البرامج التربوية واللامنهجية او اللاصفية.

ان عملية اعداد المعلمين يجب ان تبدأ من عملية القبول في كليات التربية ومؤسسات التدريب لاعداد المعلمين واستقطاب المؤهلين منهم تربوبيا وعلمياً وثقافياً ومن ثم  اعداد المناهج الدراسية واساليب تربية المعلم واعداده اعداداً علمياُ ومهنياً ليصبح المعلم صاحب مهنة متخصصة وهذا مايسمى (بتمهين التعليم) , او رخصة المعلم لمزاولة المهنة , والذي تم تطبيقه في معظم دول اوربا الغربية وبعض الدول الاسيوية والافريقية وحتى العربية ولكن بمستويات مختلفة .

وترجع اهمية تمهين التعليم  الذي يعد من الضرورات القصوى الى الأسباب الآتية   : –

1- ان قطاعي التربية والتعليم عنصرين مهمين لتحقيق التنمية بكافة مجالاتها.

2- جودته ستكون افضل استثمار في الطاقة البشرية بوصفه الانسان المغذى بالعلم والتربية والمعرفة والقابل للتغيير الايجابي .

3- رصانته ستوفر بيئة تسودها العدالة والالفة والتسامح والمحبة والحياة الكريمة فهي ليست مهنة فقط وانما هي مهنة ورسالة. 

أن المعلم المهني من يقوم بدوره المشخص للتعليم والذي يتمكن من التعرف على الصعوبات التعليمية التي تعوق الطلاب عن التعليم ويعمل على معالجتها ومرجعيته في ذلك خلفيته العلمية الاكاديمية والتربوية والثقافية والوطنية. وهو يسعى دائماً لتحديث معرفته وتنمية استعمال وسائل التعليم ووسائل الاتصال والتقنيات المتصلة بها واهتمامه المتواصل بالتغيير الذي يحدث في بيئته التربوية.

ان مشروع تمهين التعليم بشكله الاساسي المناسب لعملية إصلاح وتطوير عملية التعليم والتعلم ضابط لبرامج تربية المتعليمن, ان المعلم المتفوق في تخصص معين والمؤهل مهنياً على نحو جيد يكون اكثر فعالية من المعلم الاقل تفوقا واعداداً وقد يعود ذلك لقدرته الفعلية وجديته ومثابرته وميله للقراءة وسعة الاطلاع وممارسته لطرائق تدريس وتعلم بكفاءة عالية ويفهمون طلابهم حيث يتسم سلوكهم المهني بالاتي :

1- الجدية بالعمل .

2- مساعدة طلابهم على تحقيق اهداف التعليم .

3- تنظيم وترتيب بيئة التعلم بما يوفر مناخا مثمراً للتعليم .

4- المرونة والتكيف مع المتغيرات العلمية والمهنية والتربوية التي تستجد عالميا او وطنيا.

5- تحريك الدوافع لدى الطلاب واستثارة عقولهم ومداركهم.

6- توجيه الطلاب نحو السلوك المطلوب باعتبار المعلم القدوة الحسنة لهم .

7- تنمية التعلم الذاتي والجماعي لدى الطلاب .

8- امتلاكه المهارات والعلاقات الانسانية التي تساعد في حل المشكال الاجتماعية .

9- مواكبة المستجدات العلمية والتربوية والتكنولوجية واستثمارها في تجديد معرفته وتنمية قدراته ومهاراته التعليمية .

لقد احدث التقدم العلمي والتقني كثيرا من المتغيرات في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وباقي القطاعات المهنية الاخري جميعها ومن ضمنها مفهوم التعليم والتعلم ومن ابرز التحولات مايلي :

1- التحول من التعليم محدود الامد الى التعليم مدى الحياة.

2- التحول من التعليم المعتمد على الاخر الى التعليم المعتمد على الذات .

3- التحول من ثقافة الامتحانات الى ثقافة التقويم .

4- التحول من التعليم المعتمد على المدرسة فقط الى التعليم التشاركي بين المجتمع والمدرسة.

5-التحول من ثقافة الحد الادنى الى ثقافة الاتقان والجودة.

6- التحول من ثقافة الاجترار والتكرار الى ثقافة الابداع.

7- التحول من المركزية في اتخاذ القرار الى اللامركزية .

8- التحول من التجانس والتنميط الى التنوع والخصوصية .

9-التحول من السلوك الاستجابي ( رد الفعل ) الى السلوك الايجابي ( المبادرة والمخاطرة).

لذا  بالرغم مما جاء في اعلاه والتطور في التقنيات التربوية وبرامج التعلم عن بعد ولكن يبقى المعلم هو الاكثر تأثيراً في جودة المنتج التعليمي . ولا ينعكس اداء المعلم الجيد على طلابه فقط بل ينعكس على جودة المؤسسة التعليمية بأكملها وبتعاونه مع ادارة المؤسسة التعليمية سيحقق الرؤيا والرسالة المنشودة.

يجب ان تصمم معايير  اعتماد المعلم الجيد كل حسب بيئته ومجتمعه ولكن بالرغم من الاختلافات المجتمعية الواسعة نجد ان هناك اتفاق بين معظم الدول على الحد الادنى للمعايير وكما يلي :

1- ان يكون المعلم متقناً للبنية المعرفية لمادة تخصصه.

2- ان يطبق المعلم استراتيجيات وطرائق واساليب التدريس بكفاءة.

3- ان يوفر المعلم بيئة تعليمية ايجابية ويفهم كيفية نمو الطلاب وتعلمهم.

4- ان يستخدم المعلم مهارات الاتصال وتكنولوجيا التعلم بكفاءة.

5- ان يحرص المعلم على التنمية المهنية المستمرة .

6- ان يكون ملماً بمهارات القيادة وان يمارسها بكفاءة عالية .

7- ان يكون عضواً متعاوناً في المجتمع المدرسي المحلي .

8- ان يؤدي عمله كصاحب مهنة وليس كصاحب حرفة تعلمه ممن سبقوه من عائلته او ممن عمل معهم.

ان خريج كليات التربية لايعتبر مؤهلاُ للعمل في مهنة التدريس ولا يعطى رخصة لمزاولة مهنة التعلم إلا اذا نجح في اختبار بمستوى يمكنه من ممارسة مهنة التدريس وحصوله على رخصة التعليم وعليه تجديدها كل فترة زمنية تتراوح بين 3-5 سنوات .

يمكن اعتماد اختبارات ترخيص المعلم لمزاولة مهنة التدريس بقسمين وهي : 

1- قياس الجانب المعرفي لمعايير الاعتماد المهني للمعلم.

2- قياس مهارات ادارة القاعة او الصف والكفاءة اللغوية والتحدث والاستماع واستخدام التقنيات الالكترونية في التدريس وتقويم الطلاب.

لقد اعتمدت عملية تطوير مستويات التعليم في امريكا في عام 1987 وذلك عند تأسيس (المجلس الموطني للمستويات التعليمية ) واعتمادهم دليل تسترشد به كليات التربية ومؤسسات إعداد المعلمين في برامجها قبل الخدمة ولتدريبهم اثناء الخدمة وليساعدهم في منح رخصة التعليم او تجديدها. علماً ان شروط واجراءات الترخيص تجدد سنوياً.

الكثير من دول العالم (اليابان , بريطانيا, كندا , الصين , استراليا,…) لديها تجارب مشابهة او تختلف بعض الشيء عن تجربة الولايات المتحدة الامريكية.

بدأت معالم شروع التحديث والتطوير في منظومة التعليم في الدول العربية بناءً على قرارات مؤتمرات القمم العربية في اجتماعات قمة بيروت عام 2002 وقمة عمان عام 2003 وأخرها كانت قمتاالرياض وتونس عام 2007 ليتم اعتماد خطة ( تطوير التعليم في الوطن العربي ) وليتم اعلان الاعوام 2008-2018 عقداً عربياً للتعليم ضمن توصيات المؤتمر العام الاستثنائي الرابع للمنظمة العربية للتنمية والثقافة والعلوم والجامعة العربية ومنظمة الامم المتحدة للطفولة ( اليونيسيف) للأرتقاء بأداء المعلم العربي ورفع كفاءته المهنية ويهدف المشروع الى مايلي:

1- جعل التعليم قاطرة التنمية والتعامل العربي. 

2- وضع اسس عربية موحدة لمعايير اداء المعلم/ة العربي وانجازاته.

3- وضع نظم متقاربة للارتقاء بالمعلم/ة مهنياُ واقتصادياً واجتماعياً.

4- وضع أسس لأجازة البرامج التدريبية للمعلم/ة العربي.

5- ايجاد خطة لتوزيع المعلمين والمعلمات وخلق اليات للدعم المتبادل في الدول العربية .

6- بناء قدرات القيادات التربوية لتحقيق التحول والاصلاح المرجو في الساحة التربوية العربية .

ولقد وضعت المعايير لتحويل التعليم من وظيفة الى مهنة وان يصبح المعلم أنسانا دائم التعلم ودائم السعي نحو اتقان رسالته ومهنته.

لم يتم اتخاذ أي خطوة بشأن تمهين التعليم في العراق خلال العقود الماضية بل العكس ما حدث في عام 1969 عندما اغلقت بعض كليات التربية ليتم إعادة فتحها في عام 1974وبآلية التقديم المباشروليقتصر ويحدد القبول فيها على الطلبة المنتمين الى حزب البعث حتى لو كانت معدلاتهم في الامتحان الوزاري للدراسة الاعدادية هي ادنى درجات النجاح , ال 50 أو فوقها بقليل , رافضين ذوي المعدلات العالية ويعتبر هذا الاجراء هو الخطوة الاولى في سلسلة التراجع الذي شهده قطاع التربيةوالتعليم العراقية .

لقد كانت ضمن استراتيجياتنا في ادارة جامعة الكوفة وضمن مشروعنا في التنمية البشريةهي خطوتنا في استحداث كلية التربية الاساسية في الجامعة عام 2009/2010 والاهتمام بأختيار كادرها من ذوي الخبرات العلمية والمؤهلات التربوية والوطنية ومن المشهود لهم بالاخلاص في اعمالهم ونزاهتهم حيث كان تعاملهم وعنايتهم وتعاملهم مع طلبتهم بشكل مميز وضمن خطط اعد لها بدقة ومعايير علمية وتربوية  ليتم تخرج اول دورة في عام 2012-2013 بمواصفات شهد بجودتها  كمطبقين في المدارس التي عملوا بها زملاؤهم من المعلمين القدامى وادارات المدارس والمشرفون التربويون . لذا نأمل ان تشهد الايام القادمة جهدا مشتركاً  بين وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي لوضع الخطط والاستراتيجيات للشروع بتمهين التعليم علىان يشمل جميع الكوادر التدريسية في الوزارتين.


أ.د . عبد الرزاق عبد الجليل العيسى 


المستشار الثقافي العراقي-المملكة الاردنية الهاشمية

                                                  

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان